قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا .. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد أوحى الله إلي أنه استمع نفر من الجن هذا القرآن فقالوا لقومهم لما سمعوه إنا سمعنا قرآنا عجبا .
يهدي إلى الرشد يقول : يدل على الحق وسبيل الصواب فآمنا به يقول : فصدقناه ولن نشرك بربنا أحدا من خلقه .
وكان سبب استماع هؤلاء النفر من الجن القرآن كما :
حدثني محمد بن معمر ، قال : ثنا أبو هشام ، يعني المخزومي ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم ، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه ، عامدين إلى سوق عكاظ ، قال : وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا : ما لكم ؟ فقالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشهب ، فقالوا : ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث ، قال : فانطلقوا فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حدث ، قال : فانطلقوا النفر يضربون مشارق الأرض ومغاربها ، يتتبعون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء ، قال : فانطلق النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة ، وهو عامد إلى سوق عكاظ ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، قال : فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، قال : فهنالك حين رجعوا إلى قومهم ، فقالوا : يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا قال : فأنزل الله على نبيه صلى صلى الله عليه وسلم قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن وإنما أوحي إليه قول الجن .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن ورقاء ، قال : قدم رهط زربعة وأصحابه مكة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم انصرفوا فذلك قوله وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا [ الأحقاف : 46 ] ، قال : كانوا تسعة فيهم زوبعة .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول : في قوله قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن هو قول الله وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن [ الأحقاق : 46 ] ، لم تحرس السماء في الفترة بين عيسى ومحمد ، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم حرست السماء الدنيا ، ورميت الشياطين بالشهب ، فقال إبليس : لقد حدث في الأرض حدث ، فأمر الجن فتفرقت في الأرض لتأتيه بخبر ما حدث ، وكان أول من بعث نفر من أهل نصيبين ، وهي أرض باليمن ، وهم أشراف الجن وسادتهم ، فبعثهم إلى تهامة وما يلي اليمن ، فمضى أولئك النفر ، فأتوا على الوادي وادي نخلة ، وهو من الوادي مسيرة ليلتين ، فوجدوا به نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الغداة فسمعوه يتلو القرآن ، فلما حضروه ، قالوا أنصتوا ، فلما قضي ، يعني فرغ من الصلاة ، ولوا إلى قومهم منذرين ، يعني مؤمنين لم يعلم بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يشعر أنه صرف إليه ، حتى أنزل الله عليه قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن .
وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا
وقوله : وأنه تعالى جد ربنا اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً ، وآمنا بأنه تعالى أمر بنا وسلطانه وقدرته .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله وأنه تعالى جد ربنا يقول : فعله وأمره وقدرته .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله وأنه تعالى جد ربنا يقول : تعالى أمر ربنا .
حدثنا محمد بن بشار ، و محمد بن المثنى قالا : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن قتادة ، في هذه الآية تعالى جد ربنا قال : أمر ربنا .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن السدي تعالى جد ربنا قال : أمر ربنا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا قال : تعالى أمره أن يتخذ ولا يكون الذي قالوا صاحبة ولا ولداً ، وقرأ قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد [ سورة الإخلاص ] ، قال لا يكون ذلك منه .
وقال آخرون : عني بذلك جلال ربنا وذكره .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : قال عكرمة ، في قوله جد ربنا قال : جلال ربنا .
حدثني محمد بن عمارة ، قال : ثني خالد بن يزيد ، قال : ثنا أبو إسرائيل ، عن فضيل ، عن مجاهد ، في قوله وأنه تعالى جد ربنا قال : جلال ربنا .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سليمان التيمي ، قال : قال عكرمة تعالى جد ربنا : جلال ربنا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله وأنه تعالى جد ربنا : أي تعالى جلاله وعظمته وأمره .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله تعالى جد ربنا قال : تعالى أمر ربنا ، تعالت عظمته .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : تعالى غنى ربنا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : قال الحسن ، في قوله تعالى جد ربنا قال : غنى ربنا .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سليمان التيمي ، عن الحسن تعالى جد ربنا قال : غنى ربنا .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله تعالى جد ربنا قال : غنى ربنا .
حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثنا هشيم ، عن سليمان التيمي ، عن الحسن و عكرمة في قول الله وأنه تعالى جد ربنا قال أحدهما : غناه ، وقال الآخر : عظمته .
وقال آخرون : عني بذلك الجد هو أبو الأب ، قالوا : ذلك كان من كلام جهلة الجن .
ذكر من قال ذلك :
حدثني أبو السائب ، قال : ثني أبو جعفر محمد بن عبد الله بن أبي سارة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ، تعالى جد ربنا قال : كان كلاماً من جهلة الجن .
وقال آخرون : عني بذلك : ذكره .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى جد ربنا قال : ذكره .
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال : عني بذلك : تعالت عظمة ربنا وقدرته وسلطانه .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب لأن للجد في كلام العرب معنيين : أحدهما الجد الذي هو أبو الأب ، أو أبو الأم ، وذلك غير جائز أن يوصف به هؤلاء النفر الذين وصفه مالله بهذه الصفة ، وذلك أنهم قد قالوا : فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ومن وصف الله بأن له ولداً أو جداً هو أبو أب أو أبو أم ، فلا شك أنه من المشركين ، والمعنى الآخر : الجد الذي بمعنى الحظ ، يقال : فلان ذو جد في هذا الأمر : إذا كان له حظ فيه ، وهو الذي يقال له بالفارسية البخت ، وهذا المعنى الذي قصده هؤلاء النفر من الجن بقيلهم وأنه تعالى جد ربنا إن شاء الله ، وإنما عنوا أن حظوته من الملك والسلطان والقدرة والعظمة عالية ، فلا يكون له صاحبة ولا ولد ، لأن الصاحبة إنما تكون للضعيف العاجز الذي تضطره الشهوة الباعثة إلى اتخاذها ، وأن الولد إنما يكون عن شهوة أزعجته إلى الوقاع الذي يحدث منه الولد ، فقال النفر من الجن : علا ملك ربنا وسلطانه وقدرته وعظمته أن يكون ضعيفاً ضعف خلقه الذين تضطرهم الشهوة إلى اتخاذ صاحبة ، أو وقاع شيء يكون منه ولد .
وقد بين عن صحة ما قلنا في ذلك إخبار الله عنهم أنهم نزهوا الله عن اتخاذ الصاحبة والولد بقوله : وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا يقال منه : رجل جدي وجديد ومجدود : أي ذو حظ فيما هو فيه ، ومنه قول حاتم الطائي :
أغزوا بني ثعل فالغزو جدكم عدوا الروابي ولا تبكوا لمن قتلا
وقال آخر :
يرفع جدك إني أمرؤ سقتني إليك الأعادي سجالا
وقوله ما اتخذ صاحبة يعني زوجة ولا ولدا .
واختلفت القراء في قراءة قوله وأنه تعالى فقرأه أبو جعفر القارئ وستة أحرف أخر بالفتح منها ( أنه استمع نفر وأن المساجد لله وأنه كان يقول سفيهنا وأنه كان رجال من الإنس وأنه لما قام عبد الله يدعوه وأن لو استقاموا على الطريقة ) وكان نافع يكسرها إلا ثلاثة أحرف : أحدهما قل أوحي إلي أنه استمع نفر والثانية وألو استقاموا [ الجن : 16 ] ، والثالثة وأن المساجد لله [ الجن : 18 ] ، وأما قراء الكوفة غير عاصم ، فإنهم يفتحون جميع ما في آخر سورة النجم وأول سورة الجن إلا قوله فقالوا إنا سمعنا ، وقوله قل إنما أدعو ربي وما بعده إلى آخر السورة ، وأنهم يكسرون ذلك غير قوله ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم [ الجن : 20 ] ، وأما عاصم ، فإنه كان يكسر جميعها إلا قوله وأن المساجد لله [ الجن : 18 ] ، فإنه كان يفتحها ، وأما أبو عمرو ، فإنه كان يكسر جميعها إلا قوله وألو استقاموا على الطريقة [ الجن : 16 ] ، فإنه كان يفتح هذه وما بعدها ، فأما الذين فتحوا جميعها إلا في موضع القول ، كقوله فقالوا إنا سمعنا [ الجن : 1 ] ، وقوله قل إنما أدعو ربي [ الجن : 20 ] ، ونحو ذلك ، فإنهم عطفوا أن في كل السورة على قوله فآمنا به ، وآمنا بكل ذلك ، ففتحوها بوقوع الإيمان عليها ، وكان الفراء يقول : لا يمنعنك أن تجد الإيمان يقبح في بعض ذلك من الفتح ، وأن الذي يقبح مع ظهور الإيمان قد يحسن فيه فعل مضارع للإيمان ، فوجب فتح أن كما قالت العرب :
إذا ما الغانيات برزن يوماً وزججن الحواجب والعيوبا
فنصب العيون لإتباعها الحواجب ، وهي لا تزعج ، وإنما تكحل ، فأضمر لها الكحل ، كذلك يضمر في الموضع الذي لا يحسن فيه آمنا صدقنا وآمنا وشهدنا ، قال : وبقول النصب قوله ( وأن لو استقاموا على الطريقة ) [ الجن : 16 ] ، فينبغي لمن كسر أن يحذف ( أن ) من ( لو ) لأن ( أن ) إذا خففت لم تكن حكاية ، ألا ترى أنك تقول : أقول لو فعلت لفعلت ، ولا تدخل ( أن ) ، وأما الذين كسروها كلهم وهم في ذلك يقولون ( وأن لو استقاموا ) [ الجن : 16 ] ، فكأنهم أضمروا يميناً مع ( لو ) وقطعوها عن النسق على أول الكلام ، فقالوا : والله أن لو استقاموا ، قال : والعرب تدخل ( أن ) في هذا الموضع مع اليمين وتحذفها ، قال الشاعر :
فأقسم لو شيء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
قال : وأنشدنا آخر :
أما والله أن لو كنت حراً وما بالحر أنت ولا العتيق
وأدخل ( أن ) من كسرها كلها ، ونصب ( وإن المساجد لله ) الجن : 18 ] ، فإنه خص ذلك بالوحي ، وجعل وألو مضمرة فيها اليمين على ما وصفت ، وأما نافع فإن ما فتح من ذلك فإنه رده على قوله أوحي إلي وما كسره فإنه جعله من قول الجن ، وأحب ذلك إلي أن أقرأ به الفتح فيما كان وحياً ، والكسر فيما كان من قول الجن ، لأن ذلك أفصحها في العربية ، وأبينها في المعنى ، وإن كان للقراءات الأخر وجوه غير مدفوعة صحتها .
وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا .. وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا
يقول عز وجل مخبراً عن قيل النفر من الجن استمعوا القرآن أنه كان يقول سفيهنا وهو إبليس .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا وهو إبليس .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن رجل من المكيين ، عن مجاهد سفيهنا على الله شططا قال إبليس ، ثم قال سفيان : سمعت أن الرجل إذا سجد جلس إبليس يبكي يقول : يا ويله أمر بالسجود فعصى ، فله النار ، وأمر ابن آدم بالسجود فسجد ، فله الجنة .
حدثني ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : تلا قتادة وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا * وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا فقال : عصاه والله سفيه الجن ، كما عصاه سفيه الإنس .
وأما الشطط من القول ، فإنه ما كان تعدياً .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا قال : ظلماً .
وقوله وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذباً يقول : قالوا : وأنا حسبنا لن تقول بنو آدم والجن على الله كذباً من القول ، والظن هاهنا بمعنى الشك ، وإنما أنكر هؤلاء النفر من الجن أن تكون علمت أن أحداً يجترئ على الكذب على الله لما سمعت القرآن ، لأنهم قبل أن يسمعوه وقبل أن يعلموا تكذيب الله الزاعمين أن لله صاحبة وولداً ، وغير ذلك من معاني الكفر ، كانوا يحسبون أن إبليس صادق فيما يدعو بني آدم إليه من صنوف الكفر ، فلما سمعوا القرآن أيقنوا أنه كان كاذباً في كل ذلك ، فلذلك قالوا وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا فسموه سفيهاً .
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا
وقوله وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل هؤلاء النفر : وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجن في أسفارهم إذا نزلوا منازلهم .
وكان ذلك من فعلهم فيما ذكر لنا ، كالذي :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن قال : كان رجال من الإنس يبيت أحدهم بالوادي في الجاهلية فيقول : أعوذ بعزيز هذا الوادي ، فزادهم ذلك إثماً .
حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثنا هشيم ، عن عوف ، عن الحسن ، في قوله وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن قال : كان الرجل منهم إذ نزل الوادي فبات به ، قال : أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم في قوله وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن كانوا إذا نزلوا الوادي قالوا : بسيد هذا الوادي من شر ما فيه ، فتقول الجن : ما نملك لكم ولا أنفسنا ضراً ولا نفعاً .
قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في قوله وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن قال : كانوا في الجاهلية إذا نزلوا بالوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي ، فيقول الجنيون : تتعوذون بنا ولا نملك لأنفسنا ضراً ولا نفعاً
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله يعوذون برجال من الجن قال : كانوا يقولون إذا هبطوا وادياً : نعوذ بعظماء هذا الوادي .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن ذكر لنا أن هذا الحي من العرب كانوا إذا نزلوا بواد قالوا : نعوذ بأعز أهل هذا المكان ، قال الله فزادوهم رهقا : أي إثماً ، وازدادت الجن عليهم بذلك جراءة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة يعوذون برجال من الجن كانوا في الجاهلية إذا نزلوا منزلاً يقولون : نعوذ بأعز أهل هذا المكان .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن قال : كانوا يقولون فلان من الجن رب هذا الوادي ، فكان أحدهم إذا دخل الوادي يعوذ برب الوادي من دون الله ، قال : فيزيده بذلك رهقاً ، وهو الفرق .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا قال : كان الرجل في الجاهلية إذا نزل بواد قبل الإسلام قال : إني أعوذ بكبير هذا الوادي ، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم .
وقوله فزادوهم رهقا اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك فزاد الإنس بالجن باستعاذتهم بعزيزهم ، جراءة عليهم ، وازدادوا بذلك إثماً .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس فزادوهم رهقا فزادهم ذلك إثماً .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، عن قتادة ، قال : قال الله فزادوهم رهقا أي إثماً ، وازدادت الجن عليهم بذلك جراءة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة فزادوهم رهقا يقول : خطيئة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم فزادوهم رهقا قال : فيزدادون عليهم جراءة .
قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم فزادوهم رهقا قال : ازدادوا عليهم جراءة .
وقال آخرون : بل عني بذلك أن الكفار زادوا بذلك طغياناً .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله فزادوهم رهقا قال : زاد الكفار طغياناً .
وقال آخرون : بل عني بذلك فزادوهم فرقاً .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس فزادوهم رهقا قال : فيزيدهم ذلك رهقاً ، وهو الفرق .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله فزادوهم رهقا قال : زادهم الجن خوفاً .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : فزاد الإنس الجن بفعلهم ذلك إثماً ، وذلك زادوهم به استحلالاً لمحارم الله ، والرهق في كلام العرب : الإثم وغشيان المحارم ، ومنه قول الأعشى :
لا شيء ينفعني من دون رؤيتها هل يشتفي وامق ما لم يصب رهقا
يقول : ما لم يغش محرماً .